قالوا عن إبن مجدليا

حدّث ولا حرج عن الرجل المعجزة شربل بعيني الذي له في كل عرس قرص، يكتب ويؤلف ويلحن ويتبرع ويشرف ويحفّز هذا، ويساعد ذاك، ولا يسأل ردوداً وعرفان جميل، بل يبذر جميله ويمشي، ولو كان بين من يحتضنهم أكثر من "بروتوس" ويوضاس. يكتب الشعر العامي والفصيح والكتب المدرسية، ويكتب الأغاني، ولديّ الكثير من تأليفه.
نرى شربل بعيني يوصي أول آتٍ إلى لبنان أن يحمل معه كمشة تراب من أرض "مجدليّا"، ليضعها أمام عينيه في خزانته ليظل يراها صبح مساء.
الدكتور عصام حدّاد
الأنوار البيروتيّة ـ 24/12/1991
**
متل ما طلع شربل من الضيعة، بدنا ياه يرجع ع الضيعة، ولو كانت أستراليا بدّا تزهّرلو رملاتا دهب، لازم شربل يرجع، مطرحو هون، والشعر الْـ عم يكتبو ما بيكون فيه جمال وقوةّ إلاّ إذا نبت بأرض مجدليا.
رفيق روحانا
إذاعة الإذاعة، لبنان
**
عفواً يا شربل.. هل نعتذر لك ام تعتذر لنا؟ هل نسامحك ام تسامحنا؟ هل شربل لك يا شربل ام لنا؟ هذا هو حال لبنان، التاريخ يعيد نفسه..
غداً يا شربل سيزور ابناؤنا المكان الذي كنت تعيش فيه، غداً يا شربل سيقرأ ابناؤنا في مؤلفاتك، وفي فقرة نبذة عن شربل بعيني ولد في لبنان وهاجر الى ..........
هذه الكلملة موجودة بالكثير من النبذات ابتداء من جبران، حتى نهاية الكون.
أؤكد لك انها ستبقى.
تبكيني كثيراً هذه الكلمة، دائماً تلصق مع من يجب ان يبقوا. مع من يجب ان لا نفرط بهم. مع من يجب ان لا يرحلوا. مع من هم ليسوا ملك انفسهم .
داني عبد الخالق
موقع: اللبنانيون الجدد
**
نحن نعتبر شربل بعيني شاعر الوطن في الغربة، مثلما كان شاعر الغربة في الوطن. حنينه دائم لوطنه لبنان، لمجدليّا، للأرز، لكل شيء هناك. شربل إنسان بشعره، الذي يعالج كل المواضيع الإنسانيّة والحياتية والإجتماعيّة.
الدكتور علي بزّي
إذاعة أس بي أس، 1993
**
شربل الصغير، الذي كان يكتب الشعر على عيون مجدليّا، وخلف دير مار الياس، وتحت كينة الكنيسة، وأمام دكّانة خرستين.
شربل المراهق الذي نظم لعينيّ كل فتاة مجدلاويّة، وكلّهن جميلات، شعراً.
شربل الشاعر، الذي زيّن بيوتات مجدليّا بديوانيْ مراهقة و قصائد مبعثرة.
شربل الذي سار هذه الدرب الطويلة بين مجدليّا وسيدني، أصبح اليوم (شاعر المهجر الأول)، يوقظ الضمائر، يستلّ سيف الحقّ، ويشهره بوجه تجّار الوطن، يخطّ تيّاراً جديداً، ويخلق نهضة أدبيّة وفكريّة، ويصبح بذلك (سفيراً فوق العادة). فهو يحمل الوطن للمغتربين، ويحمل أستراليا، بلاد الإغتراب، إلى الوطن الأم لبنان.
كل المواعيد تحقّقت بك يا صديقي، وهنيئاً لمجدليّا يرفع إسم مجدها عالياً إبنها البار شربل سركيس بعيني.
كنت أتمنّى أن أحصل على مؤلّفاتك كلّها، لتكتمل مجموعتي، ويزداد بك فخري واعتزازي. فديوانيْ مراهقة و قصائد مبعثرة احترقا مع ما احترق من مكتبتي ومكتبة والدي القيّمة، يوم أحرق بيتنا في 27 آذار 1976.
ومؤلفاتك في بلاد المهجر لـم يصلني منها سوى: الغربة الطويلة، مجانين، من كل ذقن شعرة، ومن خزانة شربل بعيني. وقد تهافت أهل البيت على قراءتها بدءاً بوالدتي، التي تسألني كل يوم: هل كتبت إلى شربل؟.. هل أهديته سلامي؟.. هل قلت له إنني أصلّي كي أراه في الوطن قبل أن أموت؟.. ومروراً بأولاد أخي الصغار منهم والكبار.
أجمل ما في كتاباتك، أنك تقطف من كل البساتين أجمل الباقات وأحلى الزهور.
تتنقّل ما بين الشعر اللبناني المرهف، والشعر العربي الفصيح، والنثر الساخر، والقصيدة الحديثة، وتبدع في كل نوع تتناوله.
لا أعلم.. هل صدر لك حديثاً شيء جديد؟ أكون لك شاكرة إن زوّدتني به.
شكراً لكلارك بعيني الذي أثبت فعلاً أنه أديب مرهف، إذ جمع لك كل ما قيل عنك، وأتحفنا بكتاب قد يكون فريداً من نوعه. هل صدر رقم ـ2ـ.
أنا مشتاقة إلى أخباركم الأدبيّة والإجتماعيّة، لا تبخلوا بها عليّ. أتمنى لو أحصل دوماً حتى على المقالات التي تنشرها في الصحف هناك.
لا أدري في النهاية، هل أقول: تبّاً للغربة التي سلبتنا الشاعر؟ أم: شكراً للغربة التي بلورت موهبتك الشعريّة، وجعلت منك (شاعر المهجر الأول)؟.
سوزان بعيني
مجدليا - لبنان
**
أيتها السيّدات.. أيها السادة.. أيها الحضور الكريم
بفخر كبير نعلن احتفاءنا، كرابطة للجمعيّات اللبنانيّة في منطقة السانت جورج، بالشاعر الكبير شربل بعيني. وحقّاً أحسنت الجامعة الثقافيّة في العالـم ـ قارّة أميركا الشماليّة ـ إذ منحت شاعرنا لقب أمير الأدب اللبناني في المهاجر لعام ألفين.
ونقول بثقة إنها أحسنت لأسباب لا حصر لها، في طليعتها سمو شعر إبن مجدليّا البار شربل بعيني، ونبل أخلاقه، ونقاء سريرته وسيرته.
لقد ابتلعت الحرب في لبنان مئات الألوف من إخوتنا وأخواتنا وأبنائنا عموماً، ليس إلاّ كرمى لعيون الطوائفيين والمناطقيين والمنحرفين والمتطرفين، ورياح الطائفيّة في لبنان هبّت إلى اللبنانيين في أستراليا، فأصابت بلوثتها الكثيرين.. إلاّ شربل بعيني الّذي ظلّ أصيلاً وفيّاً لكل لبنان.
أحدٌ لـم يسمع شربل ينطق كفراً طائفيّاً في يوم من الأيّام. وأحدٌ لـم يجرؤ على تقويله ما لـم يقل مذهبيّاً، على العكس، بقي شربل بعيني النبيل صامداً في مواقفه الإنسانيّة الثابتة، ذلك على رغم سهولة الإنجراف في تلك الأيام المشؤومة في تيّار التعصّب والمذهبيّة، حين كان المتشدّد طائفيّاً يلقى تشجيعاً وشعبيّة من المرضى والمهووسين.
ويوم كان بعض المغتربين يبالغون في السعي إلى جمع المال، كان شاعرنا المجيد يسعى إلى القصيدة والمقالة والخاطرة.
كان شاعر الغربة الطويلة شربل بعيني، والأمير اليوم، صاحب شركة عادت عليه بالمال الوفير، ورغم ذلك هجرها إلى ما هو أسمى في معتقده. هجرها إلى تعليم أبنائنا وأحفادنا لغة الآباء والأجداد، أعني اللغة العربيّة، ويكتب لهم المسرحيّات ليعلّمنا، من خلالهم، المحبّة للأوطان دائماً.
وإذ نحتفي في رابطة الجمعيّات بمناسبة نيل شربل جائزة الإمارة من الأخوة في أميركا الشماليّة، نكون نحتفي بواحد ناجح منّا، دأبه أن يرفع اسم لبنان عالياً، كما رفعه أدباء كبار أمثال جبران خليل جبران، وميخائيل نعيمة، وإيليا أبو ماضي وغيرهم، كما احتفينا برؤساء بلديّات ناجحين من شبابنا اللبناني في هذا الوطن العزيز على قلوبنا جميعاً. كما فرحنا بتعيين الحاكم العام لولاية نيو ساوث ويلز من أصل لبناني، عنيت السيّدة ماري بشير.
هنيئاً لنا بالشاعر شربل بعيني، وهنيئاً للشاعر بالإمارة، والتحيّة القلبيّة الخالصة للأخوة في أميركا الشماليّة على مبادرتهم اللطيفة، وتحية لكم جميعاً والسلام.
خليل حراجلي
رئيس رابطة الجمعيّات اللبنانيّة في السانت جورج
**
رائعة.. تؤكّد أن إبن مجدليّا في مناجاة عليّ شاعر ثوري محلّق. في مسيحيّته الخلاّقة انتفاضة على خرافة الإنعزاليّة المريضة، وفي إيمانه النبيل دعوة حقيقيّة إلى تسبيح اللـه، واتباع هدى الأنبياء والأولياء المجلّين.
ألبير كرم
صوت المغترب، 1991
**
بين أنفاس هذه الغربة يغنّي شاعر لبناني أناشيد الحب والجوى، يعزف ألحان السفر وترانيم الجداول، يعتصر قلبه أسى، يكتوي بنار الصبابة، يكابد اللوعة والبعد عن الأهل والوطن. إنه الشاعر شربل بعيني، حامل قيثارة الحبّ المتجدّد وراء البحار، يبثّها شوقه اللاهب، وحنينه المشتعل إلى مراتع الطفولة، وملاعب الصبا، إلى الأرض التي حبا عليها فتنشّق نسيمات الحريّة مع هوائها، وتلقّى المبادىء والفضائل القويمة، فتربّى على السماحة والمثل، وازداد تشبّثاً بأرض الوطن، يرفض التخلّي عنها، ولكنّ التجارب المرّة، وسنين المحنة العجاف، وما خلّفته من واقع مشؤوم مشوب بالقلق والحذر والضياع، دفعت بشاعرنا إلى مغادرة قريته مجدليا الهادئة الساكنة في جبين الساحل المشرق شمالي لبنان. تلك القرية التي أنس إلى موسيقى أوراق أشجارها الوارفة، فكتب تحت ظلالها أولى قصائده، معبّراً فيها عن باكورة التجارب في حياته، لكنّه تركها مرغماً فغدا كطائرٍ يجوب الآفاق بحثاً عن الصفاء والسكينة، فكانت أستراليا محطّته البارزة، وفي تلك الأصقاع استقرّ شاعرنا، ولكنّ باله لـم يهدأ، فظلّ الحنين يشدّه إلى الأهل والوطن، فتتجدّد الذكريات، وتتفجّر ألماً، ويدوب قلب شربل على الشاطىء، وهو ينتظر سفينة العودة لتنقله إلى لبنان، ويسيل قلبه شعراً متدفّقاً يتلظّى بنار الحبّ، يترك صداه في قلب الشاعر من خلال مجموعة من الدواوين الشعريّة نظمها في بلاد الإغتراب، شعبيّة الطابع، واقعيّة الإتجاه بموضوعاتها اليوميّة، وهي تعتبر بحقّ نواة الشعر العامي لما فيها من خروج على قيود الشعر العاديّة، وقد نوّه بها الدكتور عصام حدّاد، صاحب ومؤسس معهد الأبجديّة في جبيل، في أكثر لقاءاته الشعريّة والأدبيّة، فاعتبرها محاولة جديدة في عالـم الشعر، قام بها الشاعر بعيني بهدف إرساء قواعد الأدب المهجري في أستراليا، بلغة عاميّة سهلة، لبنانيّة الأصل، تحمل كل معاني النغم والرقّة واللطافة التي تشيع في النفس موسيقة صاخبة.
الدكتور جورج مارون
الأنوار، 16 أيلول 1994
**
ـ1ـ
يا شربل.. في بشر عن سوء نيّه
بكسر وفتح لعبوا بالهويّه
الـ فَتَحْهَا قال شاعر مجدليّا
الـ كسرها قال شاعر مجدليِّه
في بنت مراهقه كتابك وجدها
بقلبك عايشه.. وشعرَك عبدها
الصبيّه الـ حبّت الروح وجسدها
ما بدها ناس خلقاني لعددها
ما بتفرق التوبه من الْخطيِّه
ـ2ـ
جمال الحبّ من أللـه وجمالو
وكمال الكون من ضلع اللي شالو
ما بين الغنج والسحر ودلالو
في عندك حبّ مستعبد لحالو
وفي عندك حبّ عبد الجاذبيّه
ـ3ـ
يا شربل.. إنت في قلبي ولساني
زمانك طفل.. يا سابق زماني
المحبّه بذمّة الشاعر أمانه
لا إنت بعصر عايز قيس تاني
ولا بعازه لخوتا عامريّه
ـ4ـ
وبتاني كتاب تفكيرك تخلّى
عن الـ صلاّ.. وما عارف ليش صلاّ
بنقطة زيت.. شعب الـ شاف أللـه
لأللـه بقول: شو خالق حياللّـه
يا رزق أللـه ع عصر الجاهليّه
ـ5ـ
رجعت وشفت لَكْ كتاب تالت
بقلبو شي ألف مجنون فالت
مجانين الدني حكيت وقالت:
أمـم من كبر حظّ العلم زالت
قبل ما يزول حرف الأبجديّه
ـ6ـ
وكتاب الرابع: الغربه الطويله
الهدف من هالمهمّه المستحيله
بشعرك ثور.. والثوره فضيله
الوطن شمشون والحاكـم دليله
وشعب مقصوص بمقص الضحيّه
جان رعد
لبنان، 1989
**
ها أنا أيّها الشّاعر الكبير أقف أمامك في يوبيلك الفضّي، لأنقل إليك تحيّات أبناء بلدتي بنت جبيل، التي كان لها القسط الوافر من ديوانك الأخير، حاملاً إليك كمشة من تراب باحة جامعها مغمّسة ببخور كنيسة مجدليّا.
أحمل إليك رسالة شكر من قبر الشاعر الوجداني الكبير موسى الزين شرارة.
أجل، أيها الحضور الكريم، أحمل كل هذا كعرفان بسيط للجميل، لما خطته أصابع الشاعر شربل بعيني في سبك كلمات قرف، الذي اعتاد أطفال ونساء وشباب وشيوخ بنت جبيل أن يسموها درراً.
الدكتور خليل مصطفى
يوبيل شربل بعيني الفضي، 1993
**
ولد الشّاعر شربل بعيني عام 1951، في قرية مجدليّا الواقعة بالقرب من طرابلس الفيحاء، عاصمة شمال لبنان. وهي قرية ذات طبيعة خلاّبة وجمال أخّاذ.
تأثّرت نشأة الشّاعر بأجواء تلك القرية الوادعة، وبعادات أهاليها الذين يحبّون الفرح والحفلات وحلقات الدّبكة، فتولّدت في داخله روح الشّاعر.
غادر لبنان إلى أستراليا عام 1971، وهو في العشرين من عمره، فدخل عالماً مجهولاً بعيداً نائياً، وذاق عذاب الغربـة، ولكنّـه بقيَ ابن وطنـه، فأعطى لبنان عصارة فكره، وأوصى في ديوانه "مجانين" بنقل جثمانه إلى تراب ذلك الوطن الجميل:
عارف أنا.. عم إكتب بشعري
نهايتي.. ونهايتي استشهاد
وعم إسرق الإيّام من عمري
وإيّام عمري كلّها أمجاد
ما همّني لو يطعنوا صدري
وما همّني لو صار جسمي رماد
الْـ بيهمّني.. ما ينفتح قبري
إلاّ بْبِلادي.. وينكتب فوقو
"مات تا يفدي شعب وبلاد"
وشربل شاعر مؤمن باللـه، يحبّ أخاه الإنسان، ويصبو دائماً إلى تغيير الكون وإنقاذه من الضّياع، فجعلته التّجـارب والظـروف الصّعبـة التـي مرّت عليه شاعراً حكيماً متّزناً.
ميشال شرف
جامعة مكارثر ـ سيدني
**
أشعر اليوم أنني في قلب (بتخنيّه) وفي قلب (مجدليا)، وفي قلب لبنان.. إذ أن هذه العواطف الجيّاشة جعلتني عاجزاً عن مجاراتكم في اللغة والبلاغة والمبنى.
يطيب لي، وأنا محاط بهذه الباقة الفوّاحة من الأصدقاء، أن أسترجع ذكريات مرّ عليها إثنا عشر عاماً. ففي السنة الأولى لوصولنا إلى أستراليا، تكرّم الأستاذ شربل بعيني وأقام لي حفلة استقبال في دارته العامرة، وأوّل ما لفت نظري لوحة معلّقة في البهو الرئيسي من المنزل، تتضمّن شعائر الأديان السماويّة كلّها، فأكبرت فيه ذلك، وقلت في نفسي إنني أمام ظاهرة فريدة تجسّد لبنان، تجسّد الإنسانيّة في لبنان.
السفير لطيف أبو الحسن
ليلة وداعه عام 1997
**
يا شربل بعيني.. يا فخر الملهمين
مين اللي عنك قال شاعر بسّ مين
مش إنت شاعر.. إنت صاحب مدرسه
للشعر.. نزلت في سجلّ الخالدين
عطيت الشعر إبداع ما بعدو فنا
وعربشت فوق المجد.. هامك ما انحنى
وشوّقتني إمشي على دربك أنا
تا شـمّ من شعرك عبير الياسمين
يا بِنْ مجدليّا على الدرب القويم
خلّيك حامل راية الشّعب العظيم
ومهما طريقك طال.. والليل البهيم
يعبس بوجّك.. ضلّ لبناني أمين.
الشاعر الغريب زين الحسن
1994
**
أخي الشاعر شربل بعيني..
تحيّة.. أصدّقك من خلال أشعارك، والإستمرار، أنك صاحب رسالة، وأصدّق الآخرين فيما كتبوا ويكتبون عنك.
أنت أحد المهمومين بالإنسان، وبالإنسان في لبناننا، وبيروتنا، وفلسطين، والعرب. والمهمومون بمثل هذه القضايا متعبون، والمتعبون هم الشعراء، والأنبياء، والمصلحون. لأنهم يفكّرون في كل شيء يهمّ الإنسان.
قد نلتقي مرة أخرى، وقد لا نلتقي، ولكننا التقينا وكفى. لقاؤنا في بغداد لقاء، ورسائلنا الآن لقاء أعمق وأسخن، لأننا على بعد آلاف الأميال، وما زلنا نلتقي على صهوات الروح، ومتون الأدب والشعر: أدب الإنسان، وشعر الهدف والقضيّة.
أزفّ إليك إعجاب بعض المعجبين بنشاطك، ونشاط الإخوة المهجريين في أستراليا. ويقول البعض ويتساءلون: هل هذا غزو أو فتح أو استيطان للغة العربيّة في المهجر؟ وقد أجيب أحياناً بأن ذلك يشير إلى أمرين سلبي وإيجابي:
ـ السلبي، هو انعدام الحريّة للمبدعين في بلادهم (دليل على قيمة الحريّة للإبداع).
ـ والإيجابي، نشاط المبدعين واستمرار إبداعهم في المهجر (دليل على حب الحرية والوطن، وأن المهجر ضرورة).
أؤمن كما تؤمن أنت، وكل المهاجرين، أن الحريّة أساس الإبداع، وأن الإبداع أساسه الحريّة، وأن الشعوب المبتلاة بالعبوديّة والقهر والكبت، سوف تظلّ في أول صفوف المتزاحمين على القبور والمشانق والفناء.
لقد سقط جدار برلين، فمتى تسقط بقيّة الجدران في الوطن العربي أو في العالـم الثالث "عشر"؟.. عمر الخطّاب قال: متى استعبدتـم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟
كم أتمنى اليوم الذي تكتب لي فيه من "مجدليا" قريتك الصغيرة في لبنان، ولبنان صدر ورئة، كما كان يتنفّس منها المبدعون الأحرار. قال أحدهم: بيروت غلطة حضاريّة صحّحها العرب. ليتنا نصحّح معاني الحريّة والديموقراطيّة، والتعامل، والأخلاق، والسلوك، وأقول: يا ليت.. يا ليت.. حتى ولو بعد أن نموت".
محمد الشرفي
اليمن ـ 9/12/1989
**
يا مجدليّا.. الشاعر بحضنك رِبِي
تفتَّق شعر عَ شْفايفُو.. وبعدو صبي
الشين.. شاعر عانق نجوم السّما
والراء.. ربّان الشعر والموهبِه
والباء.. باني صرح للشعر الندي
وطار الشعر لفوق أعلى مرتبه
واللام.. ليل السهر بمْواسم شقا
يفرّق غْناني حدّ هاك المصطبه
والباء.. باني الحقّ تا يركّع ظلـم
والعين.. عرّاب الأرز.. قومي اخطبي
والياء.. ينبوع العيون الظامئة
الـ قللاّ: تعي من شعر وجداني اشربي
والنون.. ناقوس الهجر تا يرجعوا
يصلّوا سوا بلبنان.. لبنان الأبي
والياء.. يعمي الحقد.. يحرق هَـ الوحوش
يفقي بمخلب حرّ .. عينين الغبي
مفيد نبزو ومحفوض جرّوج
صدى لبنان، العدد 686، 1990
**
يوم كتب شربل بعيني مراهقة ـ أول عمل شعري له ـ كان، آنذاك، لـم يزل ذلك الفتى الذي تشدّه بيادر مجدليّا، وكروم العنب والتين، ويلاحق تنانير الفراشات ومراجيح الشعر على طريق مجدليا ـ القبّة، مساء كل يوم على مدارات أيام السنة.
لـم يكن يعلم أن البحر سيناديه، وستحمله رياح الأحلام إلى جزيرة بعيدة، خلف المحيط الكبير، يزرع سهولها بيادر شعر، ويطوّف أنهارها تيارات محبّة، ويزيّن حدائقها صداقات متينة، ويساهم في زرع أول نواة للأدب المهجري الموثّق في أستراليا.
قبل شربل، مرّ على سطح هذه الجزيرة شعراء وأهل أدب وفكر، وبعده نزل فيها شعراء أفذاذ، وأدباء مشهود لهم، شغلتهم الغربة، وحكايات مغاور الزمرد والياقوت التي ترصدها الحسان، فانشغلوا عن الشعر والأدب بفك رصدها.
وحده شربل بعيني، ترهّب في صومعة الشعر والكلمة ثائراً، عاشقاً، متعبّداً، مناجياً. إلى هذا، وشربل لـم يكن يعلم أنه سيصبح (بحاراً يبحث عن اللـه)، أو (مشواراً) على دفاتر الأدباء، وفي قلوب الأصحاب والأحباب، ويوبيلاً هو فضّته وذهبه وعقيقه.
هذا هو شربل بعيني الشاعر والإنسان والمربي.. سواء أحببت شعره أم لا، فلا تستطيع أن تنكر عليه حقّ الأسبقيّة في إغناء المكتبة المهجريّة بالعطاءات الغزيرة، وبتفعيل الحركة الأدبيّة العربيّة في المغترب الأسترالي.
ألبير وهبة
العالـم العربي، 1993
**
ـ1ـ
زنبق مجدليّا، السنه، حملان
صارت جنينه تخبّر جنينه
شاعر مجدليّا صبي جهلان
غنّو، تا يكبر شربل بعيني:
يا بيّاع العنب والعنبيّه
قولو لأمّي، وقولو لَبيّي
سرقوني الغجر،
من تحت خيمة مجدليّه
ـ2ـ
ومين قال: بيروحو الغجر؟ مين قال؟
.. وشاعر نسي تاريخ ميلادو
لا سهول حفظت دعستو، ولا جبال،
جوّال، مطرح ما الحلم قادو..
رفيقو بهالرحله الطويله، خيال،
والذكريات الغافيّه زادو،
وعا كلّ تلّه يطلع بموّال،
وبسرير بالو ينيّم ولادو:
يا بيّاع العنب والعنبيّه
قولو لأمي، وقولو لبيّي
قتلني الضجر
واللغات الأجنبيّه!
فؤاد نعمان الخوري
سيدني 1989
**